انضم الينا على الفيسبوك

mardi 6 décembre 2011

حوار صحفي | المقرئ ابو زيد في حوار مع جريدة أخبار اليوم

 
فيما يلي نص الحوار
▬▬▬▬▬▬
قلتم في المهرجان الخطابي الذي نظمتموه في الدار البيضاء أنفا مساء يوم الجمعة الأخير بأن المغاربة والمراكشيون يرفضون ميوعة مهرجان مراكش الدولي للفلم ما المقصود بالميوعة التي أشرتم إليها؟

أولا نحن لا نرفض المهرجان ولكن نرفض الطريقة التي ينظم ويدار بها، الأفلام التي يقع عليها الاختيار لا تمثلنا ولا تنتمي إلينا ولا يغلب فيها ما هو إنتاج عربي إسلامي أو إفريقي، فهذا مهرجان غربي ينظم في مراكش، ثم يحصل فيه على الجوائز أولئك المسمون بالفنانين الدوليين، بحيث لم نر جائزة يحصل عليها عربي أو مسلم في هذا المهرجان الذي ينعقد منذ سنوات طويلة كما أن هذا المهرجان يعرف تبذيرا كبيرا للأموال في حين أن المدينة التي تحتضنه تغرق في البؤس الذي لا نجده في مدينة أخرى في المغرب، بحيث هناك مناطق في قلب المدينة الناس فيها يسكنون في ابنية متهاوية ويعيشون عيشة أقرب إلى الحشرات منها إلى البشر، ويموتون من الفقر والمرض. من مؤاخذاتي على المهرجان أيضا استدعاؤه أحيانا لأشخاص سيئين جدا كما كان الحال عندما استدعوا مخرجا سينمائيا محكوم عليه في أمريكا بتهمة اغتصاب قاصر وهو "رومان بولان سكي"، وكان مطلوبا للعدالة، وبعدما عجز عن الذهاب لأمريكا نتيجة لذلك جاء إلى المغرب وكرم واستقبل استقبال الأبطال. كما يلاحظ على هذا المهرجان أنه يهين الفنانين المغاربة، بحيث يتم إبعادهم ولا يتم الالتفات إليهم أو إعطاء أهمية لإنتاجهم، فما معنى أن يكون هناك مهرجان بهذا الحجم ولا يدعم الإبداع الوطني والفنان المغربي في حين يتم تسويق الإنتاج الغربي ذو الطابع التجاري والتغريبي والعولمي بأموال طائلة وبهرجة زائدة وبعرقلة الطرقات وتوقيف الأشغال وإنهاك المدينة وبانتهاك لحرمة السكان هذا لن تكون له أية فائدة للشعب هذا المهرجان يمثل لقطة تغريبية استلابية تحمل جرعة زائدة من الميوعة التي رد عليها الشعب المغربي والمراكشي بالتصويت بكثافة على حزب العدالة والتنمية.

وبماذا تفسرون الحشود الهائلة للمراكشيين والمغاربة الذين حجوا إلى مراكش لاستقبال الفنانين المدعوين للمهرجان؟

لا داعي للتعلل بالحشود، وأنا متأكد بأننا لو نظمنا نشاطا تربويا أو دينيا أصيل كمهرجان للسماع الصوفي أو مسابقة للقرآن الكريم أو مهرجان للأغنية الملتزمة أو مسابقة ثقافية مغرية، أو غيرها من الأنشطة التي تحترم ذكاء المغاربة سنرى حشودا أكبر. الناس بطبيعتهم يميلون إلى الاستجابة لأية دعوة عامة ويميلون إلى الاستجابة للأنشطة الترفيهية فإن وجدوا من يوجههم إلى طريق الميوعة سيستجيبون كما أنهم لو وجدوا من يوجههم ويرشدهم للطريق الصواب فسيستجيبون بطريقة أرقى وأفضل، ولذلك نجد مساجد مراكش ممتلئة خلال أداء التراويح في شهر رمضان كما نجد تلك المساجد مكتظة أثناء صلاة يوم الجمعة فلماذا يتم الالتفات إلى الحشود التي تستجيب لمهرجان مراكش ولا نلتفت إلى هذه الحشود التي تكتظ بها المساجد، ولماذا يسمح بأشياء ولا يسمح بأشياء أخرى، فأنا شخصيا منعت مرارا من إلقاء محاضرة في مراكش كما عجز الإخوان مرارا في السنوات ما قبل الأخيرة عن الحصول على رخصة تنظيم نشاط عمومي بدعوى أن مراكش مدينة السياحة ولا يجب أن تضم نشاطا سياسيا أو فكريا، فلماذا يتم تغليب جهة على جهة ويبرر ذلك بالحشود المستجيبة بدل أن يسمح بالمساواة التي تتيح المنافسة الشريفة.

حزب العدالة والتنمية عرف عنه عندما كان في المعارضة بأنه كان ينتقد بعض المهرجانات المثيرة للجدل كـ"موازين" مثلا،فهل سيبقى على نفس الخط بعد مشاركته في الحكومة أم أنه سيغير خطابه؟

هذا السؤال الذي يبدو في ظاهره صغيرا هو في العمق كبير ويثير إشكالا معقدا هو إشكال السلطة في المغرب. التساؤل هو هل فعلا من سيصل إلى منصب رئيس الحكومة ويشكلها ويكون فيها القطب المسير هل فعلا يملك القرار في كل مجالات الإدارة والتسيير؟ مهرجان موازين يتحكم فيه شخص متنفذ في أعلى جهاز في الدولة، ومهرجان الصويرة يتحكم فيه أحد المستشارين الكبار، ومهرجان الدار البيضاء يتحكم فيه شخص متنفذ، هؤلاء خارج الحكومة وفوق الحكومة وبالتالي لا أتوقع ولا أمني نفسي بأن يتم التدخل في هذه المهرجانات التي تقوم على الميوعة والسخف والتبذير والاستلاب، كما لا أظن أن حكومة البيجيدي ستكون قادرة على منعها لأنها خارج نفوذ الحكومة وهذا ما يثير إشكالات السلطة والقرار والنفوذ في المغرب، ونحن لم نحل بعد هذه الإشكالات ولن نتمكن من حلها إلا بتغيير حقيقي وأكثر جذرية من تغيير فاتح يوليوز الذي صوتنا خلاله على الدستور الجديد.

تتحدثون عن الأشخاص المتنفذين المتمركزين في مواقع فوق الحكومة، ولكن الإشكال أن غالبية الشعب لا يعرف هؤلاء والمواطن البسيط لا يعرف سوى الحكومة، التي سيكون عليها تحمل الانتقادات لأشياء قلتم بأنها فوق سلطتها ؟

مهرجان موازين ممول من طرف الخواص وتمويل البلدية أقل من 5 بالمائة قد نحاول حجب هذه الخمسة في المائة إن نجحنا أن يكون لنا قرار داخل البلدية من خلال الآليات الديمقراطية ولكن الناس طبعا لن يعذرونا ولن يميزوا، لذلك أظن بأننا سنتعرض إلى حرج كبير وهذا ليس الحرج الوحيد الذي سيواجهنا. حكومة العدالة والتنمية إذا كتب لها أن تتشكل ستتعرض للكثير من الانتقادات وستواجه مطالب وانتظارات فوق سقف الممكن والمتاح وأنا أعذر كلا الطرفين، أعذر حكومة مقيدة بدستور وقوانين وأعراف وخطوط حمر لا مرئية، وأعذر المطالبين بتحسين ظروفهم في وقت قياسي نظرا لحجم المعاناة التي يكابدونها منذ فجر الاستقلال. ولذلك فأنا شخصيا كنت أفضل ألا ندخل إلى الحكومة في هذه المرحلة وأن نبقى في المعارضة إلى أن تتوفر الظروف التي تسمح لنا في حال تسلمنا السلطة بأن نكون قادرين على العمل في ظل حرية أوسع واستقلالية أكبر لنحقق ما نحلم به في مدة زمنية لا تقل عن خمس سنوات.

هل عملتم على إيصال رأيكم هذا إلى قيادات الحزب؟

لم أبلغ به لأنني لست عضوا في الأمانة العامة، أنا فقط عضو في المجلس الوطني وإذا انعقد المجلس سأقول هذا الرأي، والمجلس الوطني لا ينعقد سوى مرة واحدة في السنة وننتظر أن ينعقد بصفة استثنائية في الأيام المقبلة. بالإضافة إلى ذلك أنا عضو في الفريق البرلماني وحين يجتمع الفريق يوم الأربعاء المقبل سأبلغه بموقفي هذا.

وكبرلماني هل ستبقون على موقف انتقاد تلك المهرجانات أم سيكون موقفكم مسايرا لما ستعبر عنه الحكومة؟

أنا كشخص منذ 35 سنة وأنا أعبر عن مواقفي في المحاضرات كأستاذ وكمفكر وكبرلماني دائما كنت مستقلا برأيي، ودائما كنت أعبر عما أؤمن به ولا أظن أن إكراه دخول العدالة والتنمية الحكومة سيغير من رأيي شيئا مهما أحرج ذلك إخواني وأزعجهم وإن كنت أتمنى ألا يحرجهم أو يزعجهم موقفي، ولكن كفريق برلماني السياسة يضعها الفريق وليس الشخص، وبالتأكيد سيتغير موقف الفريق من خط المعارضة إلى المساندة دون أن يفقد أحد استقلاله أو يتناقض مع نفسه.

☻هل ينتابكم قلق من أن يفقد حزب العدالة والتنمية الروح التي اكتسبها في المعارضة وأن يخسر شعبيته بعد السنوات الخمس التي من المفروض أن يقضيها في الحكومة؟

المثل الفرنسي يقول gouverner n’est être pas toujours plair وأنا أقول في هذا الزمان gouverner c’est toujours ne pas plair وأنا متشائم جدا أنه بعد خمس سنوات قد تنقص شعبيتنا وقد تتراجع جماهريتنا وقد يكثر الغاضبون علينا ولكن المشكل لا يكمن هنا، المشكل في نظري أننا إذا نلنا فرصة خمس سنوات لتسيير الشأن العمومي أن ننجح ما أمكن في أن نقدم للمغاربة شيئا ينفعهم، وإذا حققنا ذلك سواء عذرنا المغاربة أو لم يعذرونا، أعطونا أصواتهم في الانتخابات المقبلة أو لم يعطونا إياها، رضوا علينا أو سخطوا علينا، سأكون سعيدا لأنه سيأتي زمان سيفهم فيه المغاربة الظرف الحرج الذي كنا نشتغل فيه. أما إذا حصل العكس ولم نكن في المستوى وإذا لم نحقق ما نأمله وبالرغم من ذلك نلنا رضى المغاربة، لن أسعد وسأكون ساخطا على نفسي وعلى حزبي وعلى فريقي النيابي.